|
 |
استثمار
الكنوز الأثرية
الثورة 18/8/2005
في الموضوع المجاور تتناول الزميلة عائدة ديوب
المكتشفات الأثرية الجديدة في المدينة القديمة
عمريت,
وسبقها الكثير من الزملاء إلى تناول قائمة طويلة من
المكتشفات الأثرية القديمة والجديدة في غالبية
المحافظات السورية والحديث حول أهمية هذه المكتشفات
وما تعنيه في سيرة أجدادنا وما أسهموا به من إضافات
في تكوين الحضارة السورية.. والسؤال: إلى أين وصلنا
في استثمار هذه المكتشفات الأثرية.. وهل هناك خطط
وبرامج لجعلها قبلة للسياح العرب والأجانب?!
نعتقد أنه
وإلى الآن ثمة تقصير غير عادي في استثمار هذه
المكتشفات, وذلك على الرغم من أهميتها
ومكانتها في صناعة سياحة مثلى قادرة على تأمين موارد
إضافية لخزينة الدولة بعد أن أكدت تجارب الكثير من
الدول أن عائدات هذه الصناعة تفوق وفي كثير من
الأحيان عائدات النفط التي كانت وما زالت تشكل
مورداً أساسياً في ازدهار بعض الاقتصادات العربية
والعالمية, والكنوز الأثرية السورية التي لم تلق
اهتماماً مرضياً إلى الآن من شأنها الإسهام وإلى حد
كبير في قضايا التنمية لو وجدت من يقوم برعايتها
واستثمارها بطرق وأساليب تحاكي ما هو قائم في كثير
من بلدان العالم.
خاصة وأن الآثار السورية لا تتوضع في مكان بعينه من
محافظات القطر وإنما تمتد في حضورها في كل شبر منها,
حتى أن بعض المشروعات الخدمية التي تنفذ بين الحين
والآخر في هذه المنطقة أو تلك يضطر القائمون على
تنفيذها إلى التوقف نتيجة العثور خلال الحفريات على
ما يشير إلى بعض اللقى الأثرية.. والأمثلة في هذا
الجانب أكثر من أن تعد أو تحصى.
ومع أنه
ليس هناك ما يشير إلى إمكان استثمار هذه الثروة في
المستقبل القريب, فإن الأمر اللافت هو عدم الاهتمام
بهذه الآثار, فبعد أن يعلن بين الحين والآخر
عن اكتشاف هنا وآخر هناك, والحديث في المنابر
الإعلامية من جانب مهتمين ومختصين حول السيرة
التاريخية لهذا المكتشف أو ذاك, فإنه وبعد ذلك لا
يكون نصيب هذه المكتشفات سوى النسيان والإهمال,
وسبق خلال
الشهور الأخيرة من هذا العام أن نشرنا سلسلة من
التحقيقات التي تؤكد بالمعلومة والصورة كيف أن بعض
المواقع الآثارية تحولت إلى مكبات قمامة ومنها موقع
عمريت الذي تتحدث عنه الزميلة في الموضوع المجاور.
وإذا كان
الإهمال يتمثل في نسيان وتجاهل بعض المكتشفات, فإن
البعض الآخر منها لطالما تعرض إلى تعديات وتخريب من
جانب بعض العابثين, منها ما هو عن قصد ومنها
ما هو عن غير قصد بدءاً من قاعة العرش في قلعة حلب
وليس انتهاءً ببعض المواقع الأخرى التي تحولت إلى
أمكنة مأهولة بالسكان مثل قلعة القدموس. وكذلك
لاننسى زيارتنا التي سبق أن قمنا بها إلى حصن سليمان
في طرطوس وشاهدنا بالعين المجردة كيف أن هذا الحصن
الشامخ والذي يحكي عن مرحلة تاريخية محددة.. كيف
تحول إلى (زريبة) لتربية الدواجن من جانب سكان
المنطقة, وأما الحكاية الجديدة والتي بدأ البعض
يتداولها كمادة تصلح للسخرية والدعابة, فهي تتمثل في
قيام أحد المتنفذين في منطقة الزبداني التي تتبع إلى
ريف دمشق, في العمل على ضم قلعة أثرية إلى منزله
وتحويلها إلى ملك شخصي يقوم بتزيينها ويتباهى بها
وبسحرها الأخاذ!!
حكايا وقصص
كثيرة يتداولها الناس اليوم حول الإهمال الذي يحيط
بمواقعنا الأثرية والتعدي الذي تشهده بين وقت وآخر.
وما يثير الحنق والغيظ ويدفع إلى الضحك والبكاء في
آن معاً, هناك من يخرج علينا من الأوصياء على هذه
المواقع الأثرية ليقول وبكثير من التباهي, (إن
الاهتمام المبذول بهذه المتكشفات من جانب الجهات
الرسمية لا غبار عليه, وبأن عمليات الترميم والعناية
دائماً وأبداً في أحسن أحوالها).. مثل هذا
القول لم يأت على لسان مسؤول بعينه أو شخص محدد, لكن
ما هو قريب من هذا الكلام نسمعه ونقرؤه بصورة دائمة
من جانب الذين تناط بهم هذه المسؤولية وحقيقة مثل
هذا الكلام يدعو إلى السخرية لأنه لايعبر ولا يشير
إلى الحقيقة المحزنة التي تحيط بكنوزنا الأثرية.
فهذه الكنوز ومثلما سبق ونشرنا في المنابر
الإعلامية, غالباً ما تكون بلا ترميم ولا صيانة ولا
حماية من العابثين, حتى أن بعض المواقع الأثرية التي
تقل بمكانتها وتميزها عما هو قائم في بلدنا, نجد
أنها (مسورة) بجدران يطلق عليها (الحرم) وذلك بهدف
حماية ما هو ضمن هذا الموقع أو ذاك, إلى جانب حضور
الحراسة الدائمة من جانب موظفين مناطة بهم هذه
المهام.. ولكن في بلدنا لا وجود لكل هذا, حتى أن
كلفة بعض المكتشفات الأثرية إن لم نقل غالبيتها ما
زالت مفتوحة على الهواء ويسهل الوصول إليها من جانب
العابثين ومن كافة الجهات.
هناك في سورية الكثير من الكنوز الأثرية التي يتعين
العمل على إحاطتها بالاهتمام واستثمارها بطرق صحيحة
ومثلى, فعلى سرير الفرات تنام حضارات شامخة وعريقة ,
وعلى الساحل هناك حضارات أوغاريت ورأس شمرا, وفي
شمال سورية حضارة إيبلا وتل مرديخ, وفي البادية
حضارة تدمر والملكة زنوبيا, وفي الجنوب شهبا ومدينة
بصرى.. كل هذه الحضارات المتعاقبة والكنوز الأثرية
التي تركتها وتعود إلى أكثر من سبعة آلاف سنة هي
التي دفعت بأحد أعلام الفكر والفلسفة والبحث في علوم
التراث في فرنسا أن يقول ذات يوم إن للإنسان وطنين
الأول في سورية والثاني في بلده.. رغم ذلك, إن
الاهتمام بهذه الأوابد الأثرية والترويج لها مازال
أقل بكثير من المطلوب وباعتقادنا أنه آن الأوان
لإحداث صحوة شاملة كي نستيقظ من هذا السبات الطويل
ونحول سورية إلى متاحف كبيرة تجذب السياح من كافة
أنحاء المعمورة.
http://thawra.alwehda.gov.sy/_archive.asp?FileName=35282512420050817221131
مروان دراج
|
|
|
 | |