|
 |
قبل
أن تضيع عمريت .. مدينة الأرجوان والأبجدية
التاريخ ذاكرة
الامة وإرث حضارتها وثقافتها . ثمة من يحاول اختراع
حضارة واستنبات جذور لتضرب له منبتا في عمق التاريخ
فيزيف الحقائق مرة, ويسرق تراث الغارقة اقدامهم في
ارض البشرية مرات ويلجأ في نهاية المطاف الى محو
ذاكرة الشعوب ومهاجمتها بكل انواع المثير التافه
ليختصر الاوطان في اجساد تتلوى واتصالات بلا معنى
الى ما هنالك من سلسلة لا متناهية من اختراعات الغرب-
الحريص على تقدمنا وديمقراطيتنا.

(انقذوا عمريت) صرخة يجب الا تكون في وادٍٍٍٍٍ
وكي تتصادى الصرخة اقام فرع جمعية العاديات في حمص
وطرطوس ندوة في رابطة الخريجين الجامعيين في حمص
شارك فيها عدد من المتحدثين.
وفي اضاءة جميلة على
موقع عمريت الاثري
قدم فريق
المتطوعين شرحا لتاريخ الموقع مترافقا بصور غاية في
الدقة والجمال ولكل مفردات المدينة النائمة منذ قرون
التي تم اكتشافها حتى الآن.
اعتقد ان اهم ما يميز هذه الندوة اضافة الى الكم
المعرفي و مجموعة الشباب المتطوعين لاطلاق مبادرة
للفت النظر الى عمريت التي سجلت ضمن
100موقع
مهدد بالزوال في العالم.
الاستاذ ملاتيوس جغنون الباحث التاريخي
المعروف تحدث عن عمريت في ضوء الوثائق التاريخية
القديمة والحديثة. وهذه بعض قطوف من مد اخلته:
يذكر المؤرخ الدكتور فيليب حتي في كتابه ( لبنان في
التاريخ) ان اسم عمريت ورد في النصوص المصرية من بين
اربع عشرة مدينة فينيقية اخرى. ويذكر الاثاري
والرحالة الالماني بوركهارت في كتابه النقوش
الكتابية الكنعانية القديمة في مصر ان ( اسم (قرت
عمرت) هو اسم سامي شرقي ويعني مدينة التمر او مدينة
النخيل).
ويقول وليم وورد : ان العلماء يجدون تشابها ذا دلالة
في القرابة اللفظية بين عمرت وعمريت وعمورو لاسيما
وان هذه المنطقة كانت تعرف باسم ارض عمورو في فترة
حكم ملوك السلالة الثانية عشرة المصرية ( حوالي
1991-1786ق.م) ويعتقد الاستاذ ملاتيوس جغنون ان
الاسم آرامي غربي لاسيما واننا نعلم ان الاستيطان
الآرامي في هذه المنطقة امر ثابت تاريخيا ويعني
اسم(عومرتو) بالآرامية المعمورة والمسكونة من الارض.
وحول ازدهار عمريت واصدار العملة فيها :يشيرايرنيست
بابيلون في مؤلفه (ان اصدار العملة النحاسية في
عمريت يثبت ازدهار المدينة في القرنين الثالث
والثاني قبل المسيح).
وحول خرابها : يذكر المؤرخ ذيوذوروس الصقلي الذي عاش
في القرن الاول ق.م (دمر الارواديون مدينة عمريت
خلال حكم الملك الاسكندر بالاس نحو عام 150 او 148
ق.م).
اما عن
هويتها وطابع آثارها (المعبد والملعب ) فيرى الاستاذ
جغنون ان عمريت حافظت على طابعها الفينيقي الاول فقد
لاحظ (ارنست رينان) الفرنسي اثناء حفرياته ان
المدينة خالية من اي كتابات او نصوص يونانية او
رومانية. ان عمريت تخلو ا ليوم من اي اثر
للسكن ولا يرى من آثارها الا ما بقي من المعبد
والستاد الرياضي والقبور التي نقبها ( موريس دونو)
و(نسيب صليبي ) و(كيريشيان) وقد اثبتت هذه الحفريات
ان عمريت كانت مأهولة من قبل الفينيقيين منذ الالفية
الثالثة على الاقل.
ويختم بالقول : ان اهم ما نعرفه اليوم عن عمريت هو
ما يظهر منها للعيان اي المعبد والستاد الرياضي
والمرفأ او ما يدل على وجوده والمدافن (مدافن عازار
وغيرها ) وعلى اختلاف اشكالها وما
لا نعرفه عن عمريت المغيبة طي التراب يفوق اضعاف
اضعاف ما نعرفه عنها و الطريق ما زالت طويلة للكشف
عن المزيد والامل معقود على جهود المنقبين الشباب
السوريين المتطوعين منهم والموظفين لاكتشاف حقيقة
عمريت .
وللمتطوعين كان الدور الاكبر بازاحة التراب عن تاريخ
عمريت منطلقين من اهميتها وحرصا على حضارة البلاد
مبتدئين بالمناطق المهمة التي تعرضت للاهمال والنهب
وهي مدافن عازار التي تقع شمال عمريت 2كم وتجري فيها
الآن اعمال تنقيب على يد بعثة وطنية بالتعاون مع
جماعة المتطوعين المدفوعين بحس وطني عارم وتتزامن
هذه الاعمال مع خطط وزارة السياحة لوضعها في
الاستثمار السياحي.
ان
المتطوعين يطالبون باستثمارها بشكل سياحي ثقافي عبر
تأهيل الموقع ليغدو عامل جذب سياحي حقيقي .
وقد تعرض المتطوعون خلال الندوة الى بعض الممارسات
السلبية من قبل مؤسسات القطاع العام ومنها :
قيام مجلس مدينة طرطوس بتنفيذ اتوستراد طرابلس ضمن
موقع عمريت وعازار وقيام شركة ريما بالقاء الانقاض
والردميات ضمن الموقعين المذكورين والقاء مجلس
المدينة بنفايات المدينة في مدافن عازار وتركيب شركة
كهرباء طرطوس اعمدة وابراج واستجرار الرمل والاتربة
من قبل بعض المؤسسات وغير ذلك.
ويرى المتطوعون ان اكبر اساءة تعرضت لها عمريت مؤخرا
هي طرحها في سوق الاستثمار السياحي, ويتساءلون أليس
اسم عمريت كفيلا بابعاد كل المشاريع التي تحتاج الى
بنى تحتية وتخديمية?!
بعد كل هذه الاعتداءات التي ذكرناها وغياب الوعي لم
يكن امام المعنيين في قطاع الآثار الا محاولة تسجيل
عمريت ضمن المئة موقع المهددة بالزوال للحصول على
تمويل يدعم ميزانيتها -والكلام للمتطوعين-.
بعدئذ قدمت مقتطفات مما جاء في تقرير الاونيسكو عن
عمريت وتقول :
لقد تعرضت ابراج عمريت لدرجة عالية من الرطوبة مما
اثر على حجارتها لدرجة خطيرة اضافة الى وجود قدر
كبير من النباتات بدأت تخنق الموقع وليس هناك امن
يمنع التخريب في الآونة الاخيرة ويتابع التقرير : ان
ادخال عمريت بقائمة (mwf) لعام 2004 من بين المواقع
المئة الاكثر عرضة للزوال قد ساعد في رفع اهميتها
لدى السلطات الوطنية وخاصة لدى المديرية العامة
للآثار والمتاحف ولكن منذ وضعها على تلك القائمة لم
يحدث سوى القليل لانقاذ عمريت او منع البناء المستمر
قرب البقايا الاثرية.
ويختم التقرير : ان عمريت بحاجة قصوى للحماية من
الدمار وبحاجة للتوثيق والترسيخ والتفهم ولتدريب
العاملين وجمع الاموال للقيام بهذه الاعمال.
ويختتم
المتطوعون بالقول : ان الحضارة نشأت في الشعب وعلى
الشعب الحفاظ عليها , ان المشاركة الشعبية هي اساس
عملية الحفاظ على الاوابد الاثرية وصيانتها.
سورية الجميلة التي قال عنها مدير متحف اللوفر
اندريه بارو:
( لكل انسان وطنان: وطنه الذي يعيش فيه وسورية وطنه
الاخر). سورية هذه تحتاج الى كل جهد غيور على ارثها
والذي لا يحق لنا التصرف فيه الا ان كان الهدف
الحفاظ عليه وتوريثه للقادمين هو شعلة متوهجة لا بد
من حملة لها وقد تصدى هؤلاء الشباب لحمل
الراية(فأنقذوا عمريت) بل انقذوا كل موقع جميل ومنسي
في سورية الحبيبة.
سوزان ابراهيم
http://thawra.alwehda.gov.sy/_View_news2.asp?FileName=20461671320050728214837
(مزيد من المعلومات والصور عن
الندوة هنا)
|
|
|
 | |